العناصر الغذائية جميعها مهمة للرياضيين، فمنها ما يمد الرياضي بالطاقة ومنها ما يمده بتحسين صحته. ولكن عندما نتحدث عن الرياضي فنحن نتحدث عن أدائه، وأداؤه يتطلب قوة وقدرة وطاقة، وكل هذه الأمور لن تتوفر ما لم يكن لديه كتلة عضلية مناسبة لنوع رياضته. لذلك تم ربط العضلات دائمًا بالبروتين الغذائي، لأن العضلات بحد ذاتها هي عبارة عن بروتين تم تركيبه وتكوينه من خلال تناول عنصر أساسي وهو البروتين. فعندما نتحدث عن البروتين فنحن نتحدث عن أهم عنصر غذائي للبناء العضلي، وبما أن البروتين يتكون من لبنات تعتبر هي أساس عملية تخليق البروتين وبنائه، فيجب علينا أن نعرف ما هو مقدار البروتين المناسب للبناء العضلي من دون أن نهدر حاجتنا بتجاوز الحد الأقصى.

البروتين وامتصاصه في الجسم

كما تعلم أن البروتين يتكون من ٢٠ حمضًا أمينيًا منها ٩ أحماض أمينية أساسية، هذه الأحماض لا يستطيع الجسم أن يكونها وبالتالي يجب على الشخص أن يتناولها من الطعام ومصادر خارجية أخرى كالمكملات الغذائية. عند تناول البروتين يتم تفكيكه في الجهاز الهضمي إلى أجزاء أصغر وهي الأحماض الأمينية. سرعة هذا التفكيك والامتصاص تعتمد على مصدر البروتين وإن كان معه أنواع أخرى من المغذيات كالكربوهيدرات والدهون. ففي دراسة قام بها الباحث بيلسبورو عام ٢٠٠٦ كان يوضح سرعة امتصاص مختلف المصادر من البروتين، تبين أن سرعة امتصاص بروتين مصل الحليب هي عشرة غرامات في الساعة، فإن تناولت ٣٠ غرام من بروتين مصل الحليب فهذا سيستغرق حوالي ٣ ساعات لكي يتم امتصاصه بشكل كامل، وهذا بالطبع في حال تم تناوله وحده بدون مغذيات أخرى. في مقابل أن بروتين البيض المطبوخ سرعة امتصاصه هي حوالي ثلاثة غرامات في الساعة، ما يعني أن البيضة الواحدة والتي تحتوي على ٦ غرامات من البروتين قد تحتاج إلى ساعتين لكي يتم امتصاص البروتين الذي بها بشكل كلي.

في المقابل عندما نتحدث عن امتصاص البروتين هذا لا يعني الاستفادة من البروتين للبناء، فقد يتم امتصاص كافة البروتين في الوجبة، ولكن لن يتم استخدامه بشكل كامل للبناء العضلي! كيف ذلك؟ دعونا نَعُد للأبحاث العلمية لنرى ماذا يقول العلم في هذا السياق.

قياس عملية البناء العضلي

عملية تخليق البروتين يتم قياسها عن طريق الإشارات داخل الخلية العضلية وبالتحديد عن طريق بروتين أساسي في المسار البنائي يسمى بالMTOR كما تحدثنا عنه في مقالتنا السابقة حول الأحماض الأمينية المتفرعة السلسلة حيث وضحنا أن الحمض الأميني اللوسين هو أساس تشغيل هذه العملية لكي يتم استكمالها بالأحماض الأمينية الأساسية المتبقية لتكوين البروتين العضلي. فيتم قياس حد التخليق البروتيني من خلال هذا المؤشر، حيث يتم إعطاء المشاركين في الدراسات جرعات معينة من البروتين في أوقات معينة ويتم بعدها القياس لمعرفة تأثير كل جرعة للوصول لجرعة تعتبر حدًا أقصى للبناء العضلي. في المقابل الطريقة المثلى للقياس هي عن طريق عملية تدوير البروتين وهي المحصلة النهائية من عملية البناء والهدف في جسم الإنسان، ففي حال كان الدوران سلبيًا فهذا يعني أن الهدم أعلى من البناء والعكس صحيح. لذلك قياس المحصلة النهائية تعتبر طريقة قياس دقيقة.

ماذا تقول الأدلة العلمية

في ضوء ذلك ظهرت عدة دراسات تقيس الحد الأقصى لتخليق البروتين للبناء العضلي، ولكن بوجه الخصوص سنركز على تحليل تلوي ل٤٩ دراسة فيها ١٨٦٣ مشارك وهي تعتبر أكبر دراسة تحليلية تم عملها إلى تاريخ اليوم فيما يخص البروتين والتدريب الرياضي في سياق البناء العضلي، قام بها البروفيسور ستوارت فيليبس المعروف بأبحاثه العميقة الخاصة بالبروتين. توصلت هذه الدراسة أن أغلب الدراسات ذات الاعتبار في التحليل التلوي توضح أن الحد الأفضل للبناء العضلي هو ما بين ١.٦ غرام لكل كيلو من وزن الجسم في اليوم إلى ٢.٢ غرام لكل كيلو من وزن الجسم في اليوم. حيث تم الذكر في قسم مناقشة الدراسة أن الحد في الدراسات المشار اليها في التحليل التلوي كان ما بين ١.٠٣ الى ٢.٢ وان تم اخذ متوسط الحد الأدنى والأعلى ستكون النتيجة هي ١.٦ غرام لكل كيلو من وزن الشخص ، وهو مقدار البروتين الذي تم اعتماده كبداية مناسبة للبناء العضلي الى الحد الأعلى المذكور . واستنادًا إلى الدليل الحالي نستنتج أن لتحقيق أقصى قدر من البناء العضلي يجب استهلاك ٠.٤ غرام لكل كيلو من وزن الجسم في الوجبة خلال أربع وجبات وهو ما يؤدي إلى ١.٦ غرام لكل كيلو من وزن الجسم في اليوم، في مقابل الوصول للحد الأعلى المقترح ٢.٢ غرام لكل كيلو من وزن الجسم في اليوم إذا تم توزيعها على نفس الوجبات الأربع فستكون الكمية هي ٠.٥٥ غرام لكل كيلو من وزن الجسم في الوجبة. وهي تنعكس على أن أي كمية أعلى من ٢.٢ غرام لكل كيلو من وزن الجسم في اليوم من البروتين لن تزيد من قدرة الجسم على البناء بشكل أفضل، فعتبة البناء في ظل وجود سعرات حرارية معتدلة هي ٢.٢ غرام.

الاستنتاج والخلاصة

على ضوء ذلك وبالاشارة لأبحاث قائمة قام العلماء بوضع توصيات في مجال التغذية الرياضية فيما يخص مقدار البروتين خلال اليوم في حالتين، وهي حالة توازن الطاقة أو في حالة حجز الطاقة (عجز سعرات حرارية):

في حالة توازن الطاقة:
  • تناول ٠.٤ غرام لكل كيلو من الوزن في الوجبة للوصول لأقصى تحفيز للبناء العضلي من بعد فترة إجهاد بدني أو أداء رياضي.
  • فصل الفترات ما بين الوجبات المحتوية على البروتين ما بين ٣ إلى ٥ ساعات خلال اليوم، وهذا يحسن من عملية البناء العضلي خلال اليوم.
  • تناول البروتين ما قبل النوم بساعة إلى ثلاث ساعات لتقليل العرضة للهدم العضلي في فترة النوم الخالية من الطعام.
  • لتحسين البناء العضلي في ظل ممارسة تمارين المقاومة يجب أن تكون كمية البروتين اليومية تتراوح ما بين ١.٦ إلى ٢.٢ غرام لكل كيلو من وزن الجسم. حيث يمكن الوصول لذلك من خلال تناول ثلاث وجبات، كل واحدة تحتوي على ٠.٥٣ غرام لكل كيلو من وزن الجسم من البروتين أو تناول أربع وجبات كل وجبة تحتوي على ٠.٤ غرام لكل كيلو من وزن الجسم من البروتين.
في حالة عجز الطاقة:
  • احتياج ومقدار البروتين اليومي خلال فترة عجز السعرات الحرارية يجب أن يتفوق على الكمية في فترة توازن الطاقة للمحافظة على الكتلة العضلية أو زيادة الحجم العضلي.
  • يجب ممارسة تمارين المقاومة لكي تحافظ على مستوى الإشارات التي تؤدي لتحسين الكتلة العضلية في فترة انخفاض السعرات الحرارية.
  • للمحافظة على الكتلة العضلية في فترة عجز السعرات وإنزال الوزن يجب تناول كمية بروتين ما بين ٢.٣ و٣.١ غرام لكل كيلو من وزن الجسم في اليوم. حيث يجب على أصحاب نسبة الدهون العالية والمستجدين في التمارين الرياضية أن يتناولوا بروتينًا في الحد الأدنى من هذا المدى المقترح، في حين يجب على أصحاب نسبة الدهون القليلة ولهم خبرة في ممارسة تمارين المقاومة أن يتناولوا بروتينًا في الحد الأقصى من هذا المدى المقترح.

=====

المصادر:

  1. Morton RW, Murphy KT, McKellar SR, Schoenfeld BJ, Henselmans M, Helms E, Aragon AA, Devries MC, Banfield L, Krieger JW, Phillips SM. A systematic review, meta-analysis and meta-regression of the effect of protein supplementation on resistance training-induced gains in muscle mass and strength in healthy adults. Br J Sports Med. 2018 Mar;52(6):376-384. doi: 10.1136/bjsports-2017-097608. Epub 2017 Jul 11. Erratum in: Br J Sports Med. 2020 Oct;54(19):e7. PMID: 28698222; PMCID: PMC5867436.
  2. Stokes, T., Hector, A. J., Morton, R. W., McGlory, C., & Phillips, S. M. (2018). Recent Perspectives Regarding the Role of Dietary Protein for the Promotion of Muscle Hypertrophy with Resistance Exercise Training. Nutrients10(2), 180. https://doi.org/10.3390/nu10020180
  3. Schoenfeld, B.J., Aragon, A.A. How much protein can the body use in a single meal for muscle-building? Implications for daily protein distribution. J Int Soc Sports Nutr 15, 10 (2018). https://doi.org/10.1186/s12970-018-0215-1
  4. Bilsborough S, Mann N. A review of issues of dietary protein intake in humans. Int J Sport Nutr Exerc Metab. 2006 Apr;16(2):129-52. doi: 10.1123/ijsnem.16.2.129. PMID: 16779921.
  5. Bandegan A, Courtney-Martin G, Rafii M, Pencharz PB, Lemon PW. Indicator Amino Acid-Derived Estimate of Dietary Protein Requirement for Male Bodybuilders on a Nontraining Day Is Several-Fold Greater than the Current Recommended Dietary Allowance. J Nutr. 2017 May;147(5):850-857. doi: 10.3945/jn.116.236331. Epub 2017 Feb 8. PMID: 28179492.