هل فعلاً لا يوجد ضرورة للمكملات الغذائية في وجود تغذية متكاملة ومتنوعة؟

دائماً ما نسمع في مجال التغذية الرياضية أن الطعام أهم من المكملات الغذائية، ولدينا مصطلح دارج يقول “الطعام أولاً”! ولكن هل فعلاً لا يوجد ضرورة للمكملات الغذائية في حال توافر جميع أصناف الطعام المتنوع والمتكامل؟ الجواب بكل بساطة “لا” ولكن لماذا؟

قبل الجواب على هذا السؤال، يجب علينا أن نوضح أن مصطلح “الطعام أولاً” يجب أن يكون ” الطعام أولاً، ولكن ليس دائماً الطعام لوحده”.

بالتأكيد الطعام هو الأساس ومهم للغاية، لأنه يقوم بتوفير الطاقة والمغذيات الكبرى من بروتين وكربوهيدرات ودهون، وكذلك المغذيات الصغرى من فيتامينات ومعادن، ومركبات أخرى كمضادات الأكسدة والبوليفينولات والألياف وغيرها.

ولكن هناك عدة نقاط يجب علينا جميعاً أن نفكر بها جيداً قبل أن نأخذ قرار عدم تناول المكملات الغذائية، وهي أساس نقطة لماذا ذكرنا في البداية يجب أن نغير مصطلح “الطعام أولاً” لـ “الطعام أولاً، ولكن ليس دائماً الطعام لوحده”.

  • أولاً: بعض المواد الغذائية من الصعب الحصول عليها من الطعام بجرعات كافية لكي تؤتي ثمارها وفوائدها المرجوة، وان كان ذلك لابد من تناول كميات مهولة من صنف الطعام. كمثال، مادة الكرياتين، خمس غرامات منه لكي تحصل عليها من الطعام ستحتاج لتناول ما يتجاوز كيلوغرام من اللحم. كذلك لتناول ما يساوي أربعون غراماً من بروتين الكاسيين ستحتاج لشرب ما يساوي لتر من الحليب، وهي كمية كبيرة. ناهيك عن ان تناول هذه الكميات للحصول على جزء من المواد التي بها سيؤدي الى تناول سعرات حرارية عالية وهو ما ليس بالضرورة أمر مرغوب.
  • ثانياً: بعض المواد الغذائية موجودة في بعض الأطعمة، ولكن قد تكون هذه الأطعمة ليست من الخيارات المفضلة أو المتوفرة للرياضي، كمثال دهون الأوميجا ثري الموجودة في الأسماك الدهنية، قد تكون الأسماك الدهنية خيار غير مرغوب لبعض الرياضيين أو صعب الحصول عليه لأي سبب، فبالتالي هذا الخيار سيجعل الرياضي يضطر لتناول المكملات الغذائية فقط لتعويض هذا النقص.
  • ثالثاً: بعض المركبات فعلاً قد توجد في الطعام بكميات مناسبة. ولكن من الصعب جدا ضمان الكمية وتحديدها. كمثال مادة الكافيين، فمادة الكافيين توجد في القهوة، ولكن لا يمكن ضمان كمية الكافيين الموجودة داخل كوب القهوة فهو يعتمد على نوع البن، وطريقة تحضيره، بل أيضاً بعض محتوى الكافيين في القهوة من نفس الشركات (كشركة ستاربكس وكوستا) قد يختلف. مثال آخر، النترات، فالنترات تتواجد في الشمندر بشكل كبير، ولكن هل تعلم أن من المستحيل معرفة محتوى وتركيز النترات في الشمندر؟ فالاختلاف كبير، فالمئة غرام من الشمندر قد يختلف محتواها من النترات، حيث يتراوح ما بين ٩٧ الى ٤٢٦ ميلي غرام! وهو اختلاف كبير للغاية، لذلك تناول مركز الشمندر كمكمل غذائي يعتبر خيار أمثل لذلك.
  • رابعاً: بعض الأطعمة من الصعب تناولها للاستفادة السريعة قبل، أثناء أو بعد التمارين الرياضية مباشرة، وهذا بسبب وقت هضمها وامتصاصها الطويل. فكمثال شرب مشروب رياضي (كالجاتوريد) أو تناول جل كربوهيدرات (مادة هلامية) يعتبر خيار أفضل من تناول موزة أو حبة فاكهة بين الشوطين في مباراة كرة القدم.

لذلك يجب على الرياضيين التفكير في النقاط التي ذكرناها آنفاً، ان كان الطعام سيكون هو الخيار الأمثل أم المكملات الغذائية. ولكن كذلك يجب على الرياضيين التفكير في نقاط أخرى قد يغفلون عنها. حيث يجب أن يتم اختيار المكملات الغذائية بشكل صحيح، فقد أثبتت الأدلة العلمية أن بعض المكملات الغذائية قد تحتوي على أنواع من المنشطات والهرمونات، والأدلة توضح أنه من الممكن أن تصل النسبة ما بين ١٠٪ الى ٢٥٪ من المكملات التي تباع في الأسواق الأمريكية والأوروبية، وهي نسبة عالية لوجود مواد محظورة في المكملات الغذائية. اذاً ما الحل؟

الجل أن كل رياضي يجب عليه أم يختار الأنواع التي تكون مفحوصة من شركات طرف ثالث كما تسمى، كشركة انفورمد سبورت، ان اس اف، بي أي سي جي وغيرها. ولكن يجب علينا أن نعلم جميعاً ان الفحص هو عبارة عن تقليل المخاطر، وهو ليس نوع من أنواع الضمان، لأن ذلك يضع الشركة الفاحصة في مرمى الاتهامات بالذات بعد خروج العبوة من مختبرهم للفحص، لأنهم يقومون بفحص عينات عشوائية من مجمل المنتجات وليس كل منتج يتم تصنيعه. لذلك يجب على الرياضي أن يقوم باختيار الأنواع المفحوصة لكي يقلل من أخطار وجود ان مواد محظورة.

وللعلم فإن نسبة الرياضيين الذين يتم كشفهم لاستخدام مواد محظورة، حوالي ٩٪ منهم يكون السبب استخدام مكملات غذائية وليس استخدام مواد منشطة أو محظورة بشكل مباشر! لذلك يجب على الرياضيين الحذر.

لذلك قام سجل اخصائيين التغذية الرياضية (SENR)، بعمل قاعدة رائعة من الأسئلة يجب أن يقوم الشخص بالمرور عليها قبل اتخاذ قرار شراء أو استخدام أي مكمل غذائي، وتم تسميتها بمصفوفة قرار استخدام المكملات الغذائية وهي كالتالي:

  • السؤال الأول: هل المادة التي ستقوم باستخدامها تعتبر مكمل غذائي؟

الجواب لا: لا تقم باستخدام المادة

الجواب نعم: انتقل للسؤال التالي

  • السؤال الثاني: هل هناك أدلة كافية أن هذه المادة من الممكن أن تقوم بتحسين الأداء الرياضي أو الصحة أو الهدف المنشود من استخدامها؟

الجواب لا: لا تقم باستخدام المادة

الجواب نعم: انتقل للسؤال التالي

  • السؤال الثالث: هل هناك سبب مقنع لماذا تريد استخدام هذا المكمل الغذائي بدلاً من مصادر الطعام؟ (النقاط الأربعة المذكورة بالأعلى).

الجواب لا: لا تقم باستخدام المادة

الجواب نعم: انتقل للسؤال التالي

  • السؤال الرابع: هل قمت بالتأكد من مكونات المكمل الغذائي و اذا كان مفحوص ضد المنشطات؟

الجواب لا: لا تقم باستخدام المادة

الجواب نعم: انتقل للسؤال التالي

  • السؤال الخامس: هل شركة الفحص ضد المنشطات شركة معروفة ولها اسمها في المجال؟

الجواب لا: لا تقم باستخدام المادة

الجواب نعم: الآن يمكنك استخدام المكمل الغذائي!

هل رأيت الآن كيف يجب أخذ قرار استخدام المكملات الغذائية للرياضيين؟ الأمر ليس بعشوائي، ويجب عليك ان تقم بعمل ذلك بحذر وتأني.

======

المصادر:

Close, G. L., Kasper, A. M., Walsh, N. P., & Maughan, R. J. (2022). “Food First but Not Always Food Only”: Recommendations for Using Dietary Supplements in Sport, International Journal of Sport Nutrition and Exercise Metabolism (published online ahead of print 2022). Retrieved Mar 24, 2022, from https://journals.humankinetics.com/view/journals/ijsnem/aop/article-10.1123-ijsnem.2021-0335/article-10.1123-ijsnem.2021-0335.xml