النوم والأداء الرياضي: ماذا تعرف عنه؟

النوم والأداء الرياضي مهم جداً وكل رياضي يعلم جيدًا أن النوم جزء لا يتجزأ من منظومته الرياضية، فلا يكتمل لديه الاستشفاء من التمارين والمسابقات الرياضية ما لم يحصل على كفايته من النوم. كذلك يلاحظ الرياضي قدرته على التركيز بشكل أفضل عندما يحصل على قدر كافٍ من النوم، ناهيك عن تحسن مزاجه وقلة تعرضه للقلق والإجهاد الذهني.

يقضي كل شخص فينا حوالي الثلث من عمره وهو نائم، فلا بد أن يكون هناك أهمية عظيمة لهذا الأمر في حياة الرياضي بالذات كونه يقوم بإجهاد نفسه بشكل عالٍ مقارنة بعامة الناس من البشر. فلماذا يعد النوم مهمًا للرياضيين على وجه الخصوص؟

النوم عند الرياضيين، ما هي أهميته؟

يُلاحظ العلماء في المجال الرياضي أن النوم يُعتبر معضلة للعديد من الرياضيين، فقلة مدة النوم وجودته من أبرز المشاكل التي تلحق بالرياضيين. حيث يعتبر النوم عاملًا رئيسيًا لتحسين الصحة العامة كصحة الجهاز القلبي والذي يكون في وضع سكون وراحة وتصل دقات القلب إلى أقل معدلات أثناء دورات النوم، وهي فترة مثالية ليستعيد الجهاز القلبي كفاءته وراحته. كذلك صحة الجهاز المناعي، حيث يعتبر النوم عاملًا رئيسيًا في إفراز السيتوكينات والتي بدورها تحسن من الجهاز المناعي وتحميه من التعرض لمختلف أنواع البكتيريا والفيروسات التي قد يتعرض لها الرياضي أثناء اليوم. النوم أيضًا عامل رئيسي في تحسين القدرة الإدراكية من التركيز والذاكرة واتخاذ القرارات والمزاج العام وتخفيض العرضة لتقلبات المزاج والاكتئاب، وهذا بدوره يساعد الرياضي على تعلم المهارات بشكل أفضل، حيث يؤدي سوء النوم إلى إضعاف الإشارات والمسارات العصبية الخاصة بالقدرة على التذكر والتعلم بالذات فيما يخص المهارات الجديدة. فالنوم يعتبر قاعدة صلبة ومهمة في حياة الرياضي لكي يستطيع تطوير أدائه بشكل أفضل. إذًا كيف يمكن للنوم أن يساعد في تطوير الأداء الرياضي؟

كيف سيطور النوم الأداء الرياضي؟

تحسين مدة وجودة النوم لهما أثر واضح على زيادة وتطوير الأداء الرياضي، ففي عدة دراسات لوحظ أن زيادة مدة النوم إلى حوالي ٩ إلى ١٠ ساعات ساعدت بشكل ملحوظ في زيادة القدرات البدنية والذهنية للرياضيين في مختلف المهارات والقدرات البدنية. وبالرغم من أن بعض الجهات كالجمعية الأمريكية للنوم والأكاديمية الأمريكية لطب النوم تنصح البالغين أن يناموا من ٧ إلى ٩ ساعات يوميًا، فلا يوجد توصيات واضحة للرياضيين التنافسيين. فقد اقتُرِح أن الرياضيين يحتاجون إلى أكثر من ذلك حوالي ٨ إلى ١٠ ساعات يوميًا.

وبالرغم من ذلك ففي دراسة أجريت على أكثر من ٨٠٠ رياضي من النخبة في جنوب أفريقيا، فقد أفاد ما يقارب من ثلاثة أرباعهم بأنهم ناموا أقل من ٨ ساعات في اليوم، بينما أفاد ١١٪ منهم أنهم ناموا أقل من ٦ ساعات! ووجدت دراسة أخرى لأكثر من ١٠٠ رياضي أن الغالبية ينامون أقل من ٨ ساعات قبل البطولات، و٧٠٪ منهم ذكروا بأن جودة النوم أسوأ من المعتاد، وهذا بسبب القلق واضطرابات المزاج ما قبل المنافسة. وفي مراجعة منهجية عن جودة النوم لدى الرياضيين، لوحظ أن ضعف جودة النوم يصل إلى ٥٧٪ من مجمل الرياضيين.

فحين نلاحظ عددًا كبيرًا من الرياضيين يحصلون على قدر غير كافٍ من النوم، فهذا بدوره قد يؤدي إلى سرعة في الإجهاد أثناء الأداء البدني، وضعف في اتخاذ القرارات السريعة، وقلة تركيز وقلة دقة في الأداء، وزيادة معدل العرضة للإصابات، وزيادة في معدل العرضة للأمراض وانتقال العدوى بشكل أسرع. إذًا ما الذي يجب على الرياضي فعله لكي يتجنب هذه المشاكل، ويطور من جودة نومه؟

ماذا يجب على الرياضي فعله لتحسين جودة النوم؟

كلما كان الرياضي يمارس رياضات أكثر شدة كلما احتاج لفترة زمنية أطول في النوم مقارنة مع أقرانه من الرياضيين الآخرين الممارسين لتمارين رياضية متوسطة إلى مخفضة الشدة، بالذات الرياضيين النخبة، فيجب ألا يقل معدل نومهم عن ٩ ساعات يوميًا. وفي بعض الأحيان عندما يتعرض الرياضي لأرق وقلة في معدل النوم، فقد يساعد أخذ قيلولة أثناء اليوم في فترة الظهيرة من تحسين كفاءته البدنية والذهنية بحيث لا تتجاوز ٣٠ إلى ٤٠ دقيقة، وإلا فقد تؤثر القيلولة بشكل سلبي على الرياضي إن كانت أطول.

فمن القواعد المهمة لتحسين النوم أن يقوم الرياضي بإغلاق جميع الأجهزة الإلكترونية الباعثة للإضاءة الزرقاء كأجهزة الهواتف الذكية، والحواسيب المحمولة، والتلفاز وتجنبها ساعة كاملة قبل موعد النوم. حيث أثبتت إحدى الدراسات أن استخدام هذه الأجهزة في آخر ساعة قبل النوم لها القدرة على إضعاف إنتاج هرمون الميلاتونين (هرمون خاص بجودة النوم) بنسبة ٢١٪ وهي نسبة عالية، وهذا يؤثر بشكل كبير على جودة النوم. كذلك أن يقوم الرياضي بتجهيز غرفة النوم من حيث درجة الحرارة المناسبة والتي تعتبر حوالي ٢١ درجة سيليزية، كذلك انتقاء نوع فراش مريح بحيث لا يسبب له أي مضايقات أثناء النوم أو بعد الاستيقاظ. كذلك من القواعد الهامة الابتعاد عن أي نوع من المنبهات كالكافيين خلال الفترة المسائية، ومحاولة تجنب ممارسة التمارين الرياضية العالية الشدة في الفترة المسائية فقد تؤثر تأثيرًا كبيرًا على جودة النوم.

المحافظة على نمط حياة صحي من حيث التغذية السليمة وشرب السوائل بشكل منتظم له دور كذلك في تحسين جودة النوم، فقد لوحظ أن بعض أنواع الأغذية والمكملات الغذائية قد تساعد في تحسين جودة النوم. يمكنك القراءة حول دور التغذية والمكملات الغذائية في تحسين جودة النوم للرياضيين في هذه المقالة.

====

المصادر:

  1. O’Donnell S, Beaven CM, Driller MW. From pillow to podium: a review on understanding sleep for elite athletes. Nat Sci Sleep. 2018 Aug 24;10:243-253. doi: 10.2147/NSS.S158598. PMID: 30197545; PMCID: PMC6112797.
  2. Malhotra RK. Sleep, Recovery, and Performance in Sports. Neurol Clin. 2017 Aug;35(3):547-557. doi: 10.1016/j.ncl.2017.03.002. Epub 2017 May 30. PMID: 28673415.
  3. Watson AM. Sleep and Athletic Performance. Curr Sports Med Rep. 2017 Nov/Dec;16(6):413-418. doi: 10.1249/JSR.0000000000000418. PMID: 29135639.
  4. Smith RS, Efron B, Mah CD, Malhotra A. The impact of circadian misalignment on athletic performance in professional football players. Sleep. 2013 Dec 1;36(12):1999-2001. doi: 10.5665/sleep.3248. PMID: 24293776; PMCID: PMC3825451.
  5. Vitale KC, Owens R, Hopkins SR, Malhotra A. Sleep Hygiene for Optimizing Recovery in Athletes: Review and Recommendations. Int J Sports Med. 2019 Aug;40(8):535-543. doi: 10.1055/a-0905-3103. Epub 2019 Jul 9. PMID: 31288293; PMCID: PMC6988893.
  6. Milewski MD, Skaggs DL, Bishop GA, Pace JL, Ibrahim DA, Wren TA, Barzdukas A. Chronic lack of sleep is associated with increased sports injuries in adolescent athletes. J Pediatr Orthop. 2014 Mar;34(2):129-33. doi: 10.1097/BPO.0000000000000151. PMID: 25028798.